أما بعد...

أما بعد.. ثورة دينية/ بقلم رئيسة التحرير: روزال سوف

هل نحن من قوم :”ولا تسألوا عن أشياء إن تُبدَ  لكم تسؤكم..؟ . هل قمنا عبر التاريخ الاسلامي بتسليم مفاتيح عقولنا للتراث، وجعلناه أعلى درجة من العقل بحجة القدسية , وبات السؤال كفرا في فكرنا  الديني المتواضع .. من يتحمل وزر كل ذلك ؟.

قبل أيام فقط ، طالب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رجال الأزهر بثورة فكرية دينية على الموروث الضلالي الذي فرخ الجريمة والجهل في مجتمعاتنا العربية ، وقال بأن هذا لم يأت من فراغ ، وإنما استنادا الى نصوص دينية مقدسة في ديننا تعادي الدنيا كلها..

عدت بهذا التصور الى ثلاث سنوات مضت ، عندما كنت مشغوفة بمتابعة إحدى البرامج الدينية على قناة مصرية، اسمه “في سبيل الحكمة”.. البرنامج في غاية الجرأة، والتحليل والتدليل ، يعده الإعلامي المصري القدير عمار علي حسن وضيفه الدائم المفكر العربي الصاعد عدنان الرفاعي.

البرنامج جريء وصادم للكثيرين، يناقش لأول مرة وبحرية لامحدودة ، النصوص الدينية المقدسة من خلال بعض الأحاديث النبوية الموضوعة ، والتي على إساءتها للدين ما زالت تنسب للنبي باعتبارها أحاديث ضعيفة

يقول الرفاعي الذي حطم أساطير الموروث بفكره الديني المتجدد، بأن هناك أحاديثَ نقلت عن النبي محمد (ص)عند أهل السنة والشيعة على حد سواء لا يقبلها لا قرآن ولاعقل ولا منطق ، ورغم هذا يعملون بها من منطلق المقدس الذي لا يناقش..!

ويضيف الرفاعي في أحد أقواله :” لا أنكر السنة الشريفة ، ولكنني لا أُطلق عقلي ولا أكفر بدلالات كتاب الله تعالى..” وعرض بعض الأحاديث المدسوسة في البخاري عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام.. لو اطلع عليها الناس اليوم ، لوجدوا أن إساءتها للنبي تفوق بكثير إساءة صحيفة شارلي ايبدو.

فإذا كانت هذه الأخيرة قد عرضت رسوما كاريكاتيرية من باب السخرية ،التي اعتبرت حرية رأى عند البعض، فان الأحاديث المدسوسة والموضوعة صورت الرسول ذا الخلق الكريم على شاكلة الدواعش ، لا يفقه الا السبي و الجنس والقتل..؟!

وخلص البرنامج الذي أذيع طيلة شهر رمضان، بأن بعض الأحاديث الضعيفة المعلولة التي وصلتنا عن النبي في البخاري ومسلم تتناقض كلية مع رسالة القرآن، وأن ما أصطلح على تسميتهما بالصحيحين توجد بهما أحاديث تضرب الاعتقاد في مقتل، وتطعن في أخلاق النبي محمد، و صارت عبئا على الدين كله. .

وطالب البرنامج  بالرجوع للإسلام الُمُنزل، وليس الإسلام المُبدل، مؤكدا أن الإسلام مر بثلاث  مراحل وهي : “تنزيل الوحي، تأويل الوحي، ثم تبديل الوحي”. موضحا من خلال حلقاته ، أن المسلمين ابتعدوا عن الإسلام المُنزل، وتمسكوا بالإسلام التاريخي، الذي تدخل في وضعه الأمويون والعباسيون، ومن سار على نهجهم  لتبرير سياستهم الإمبراطورية التوسعية آنذاك…خطورة ما بعدها خطورة؟!.

إنها السياسة إذن، أفسدت جوهر الدين وجعلته مطية للمصالح.؟!

 فكم من تحريف وتدليس طال السنة النبوية الشريفة في تلك الظروف الملتبسة يا ترى؟! .

ولأننا أمة لا تقرأ ، فقد سلمنا بمصيرنا للشيخ فلان وعلان ، خدام الإمبراطوريات الحديثة ، رجال دين ملأوا الشاشات بهرطقتهم وسفههم, وجماعات دينية ايديولوجية جرفتها السياسة والتقفتها المخابرات الأجنبية. بعلم أو بغير علم.

و إيمانا منا بأن السلطة السياسية وعلى مدار التاريخ والأزمان ، هي الخنجر القاتل الذي طعنت به كل الأديان،  فنحن اليوم  مطالبون بتصحيح نهجنا للمحافظة على مقدساتنا وأوطاننا بتديين السياسية لا تسييس الدين. .وهي رسالة دينية ، أخلاقية وانسانية  نحملها الى فقهائنا المتنورين..علهم يعقلون..!..

بقلم/ روزالسوف

زر الذهاب إلى الأعلى