الولايات المتحدة وروسيا اتفقتا على عدم الاتفاق!!
بقلم: الدكتور محمد بكر*
أعلنت الخارجية الأميركية الأربعاء 4/ 5/ 2016 أن اتفاقاً مع موسكو قد سرى، لجهة توسيع وقف الأعمال القتالية بحيث يشمل مدينة حلب، اتفاقٌ تكاثرت معه بزخم كل مقومات نسفه منذ لحظة الاعلان عنه، لتتوالى مشاهد الكباش وتناطح الرؤوس التي بلغت فيها مستويات السخونة حد الغليان ثار معها وفاض وابل من الحمم تشي عن استمرار الحريق السوري والمضي باستعراض العضلات الدولية على مسرح حلب الشهباء. لافروف كشف وفضح وبت،لجهة أن حالة ” الغبش” التي تعاني منها عينا كيري عندما أعلن قبل اشتعال جبهة حلب أن الوضع فيها أصبح معقداً وقد باتت المدينة معقلاً لداعش، ولم يعد بمقدوره التمييز بين الارهابيين والمعارضة المعتدلة في الميدان، إنما كانت حالة مصطنعة بامتياز، إذ أكد لافروف وفي لقاء مع وكالة سبوتينك أن واشنطن حاولت خلال المباحثات ضم مواقع تحت سيطرة جبهة النصرة إلى مناطق التهدئة، مبيناً أن الأسد ليس حليفاً لبلاده كما هو عليه تحالف واشنطن وأنقرة، مؤكداً أن تحويل الوضع في سوريا إلى الحل بالقوة مرفوض تماماً، وأن المعارضة لديها نزوات كثيرة تحت تأثير ما سماه التأثير السيء للرعاة الخارجيين وفي مقدمتهم تركيا، وبعقلية الرؤوس الحامية أكد وبتّ الوزير الروسي أن أحداً لن يجرؤ على القيام بعمل عسكري بري في سورية. من برلين كانت لتصريحات رياض حجاب مدلولاتها التي تشي بوضوح عن توالي أجزاء جديدة من مسلسل الكباش الدولي، ردد فيها ذات الأسطوانة، وذات اللحن، لجهة أنه لاحل سياسي في ظل بقاء الأسد وأن الإرهاب والتطرف لن ينتهيا لطالما بقي النظام، وإن المفاوضات وصلت لطريق مسدود،الأمر الذي ينم بالضرورة عن صيغ جديدة وأوراق ضغط جديدة يجري استجلابها وتصنيعها انطلاقاً من ميدان حلب. في اعتقادنا أن الولايات المتحدة لم تسلم الراية بعد للخصم الروسي في الملف السوري، ولا يزال سعيها متواصلاً لصياغة كل مشاهد الضغط على موسكو بطرق غير مباشرة، ومن هنا نقرأ ونفهم إعلان موسكو وتحديداً جهازها الأمني الفدرالي، القبض على مجموعة كانت تخطط لعمليات إرهابية في قلب موسكو جاءت من تركيا وسورية بأمر عمليات من قادة متواجدين في تركيا ، والتي لن تكون الحادثة الأخيرة، فتوتير الداخل الروسي وإشغال الروس في الملف السوري سببقى جل الاهتمام الأميركي وعلى رأس أولوياته. المؤكد أن الحريق السوري مستمر وإن ألسنة النار لن يخمد تطاولها، ويبدو أن الظروف لم تتهيأ وسيطول تهيؤها لاستئناف المفاوضات ولاسيما أن معركة حلب ستشكل تحولا مهما ً ومفصلا ً رئيساً لحركة وانسياب الحل السياسي، الذي يبقى دائماً الغائب الأوحد في المشهد السوري الطافح بصور لعبة الأمم المتفق عليه فيها هو عدم الاتفاق، ولعل الاجتماع الذي دعا إليه وزير الخارجية الفرنسي نظراءه السعودي والتركي والقطري لتدارس الوضع السوري يوم الاثنين المقبل، وتغريدة على التويتر نُسبت لبوتين قال فيها أن بلاده لن تسمح لخصومها أن يزيحوا أسداً ليجلبوا مكانه قرداً، إنما يشكل وقوداً لحريق قذر من الصعب التكهن بامتداداته ومساراته، لكن المؤكد أن ذلك الوقود لن يكون إلا من أبناء وأناس هذا الوطن الذي يعصى جرحه على الاندمال.
* كاتب صحفي فلسطيني مقيم في ألمانيا.