أما بعد...

عمود/ أما بعد: كفر اليابان وايمان العرب..!

لاشك أن للدين تأثير ا كبيرا  في تركيبة المجتمع وبنية الانسان، فلكل مجتمع طقوس خاصة تختلف عن المجتمعات الأخرى، ليس من الناحية الثقافية والحضارية فحسب ، وإنما من الناحية الدينية وسلطة الدين على الأفراد والجماعات.. خصوصا الديانات التي تعتمد على التشريع والطقوس من خلال الأوامر والنواهي، وافعل ولا تفعل ..

كما أن لكل دين من الأديان المعروفة والمشهورة مؤسس ، مثل المسيح في المسيحية وبوذا في البوذية وموسى في اليهودية والنبي محمد – ص- في الإسلام ، وهناك بعض المعتقدات الشعبية القوية والنافذة في المجتمعات ولا يعرف لها أيّ مؤسس على الإطلاق…

الشعب الياباني  من دون شعوب العالم قاطبة لا يعتنق أي ديانة ، ولا يجد حرجا من هذا الأمر، فيا تُرى ماذا يعني الدين بالنسبة له وماهو لغز العلاقة القائمة بين الدين من جانب واليابانيين من جانب آخر؟.

نَشَرَ عالم الأديان ”أما توشيمارو“ كتاباً تحت عنوان ”لماذا لا يؤمن اليابانيون بأي دين“. ووفقاً لهذا الكتاب فإن سبب عدم ايمان اليابانيين  بأي دين يرجع الى أن القاعدة الكبرى التي ترتكز عليها العقائد في اليابان هي الأديان الطبيعية. حيث يؤمن اليابانيون بآلهة الأرض ولكن من دون طقوس مرسخة في المجتمع .

وما كان معروفا وسائدا أن الديانة البوذية السائدة في شرق وجنوب أسيا دخلت اليابان في القرن السادس وكانت الأكثر تأثيراً حتى منتصف القرن التاسع عشر. ومازالت البوذية تظهر في بعض الجوانب عندهم ، حيث يقيم معظم اليابانيين شعائر جنائزهم مثلا على الطريقة البوذية والتي تظهر في طقوس أداء الصلوات أمام المقابر وغيرها. كم أن الشنتوية من المعتقدات الشعبية الموجودة في اليابان أيضا وكانت حتى منتصف القرن التاسع عشر جزءً لا يتجزأ من حياتهم. ولكن من وجهة نظر علماء الأديان، فإن هذا التفكير ليس إلا مجرد طريقة حتى يريح اليابانيون المعاصرون أنفسهم من التفكير بعمق في تلك القضايا.

وبالرغم من التأثير الثقافي الكبير للمسيحية من خلال العمليات التبشيرية القوية والمركزة أساسا على المدارس والجامعات وغيرها من أشكال التأثير الا أن عدد اليابانيين الذين يدينون بالمسيحية لا يتعدى المليون والثلاثمائة شخص من تعداد السكان الذي زاد عن 128مليون نسمة..؟

هذا البلد العظيم الذي وصل بفضل أدمغته الى عليين ، وأصبح نموذجا يقتدى به في كل شيء، بدء من عالم المعرفة والتكنولوجيا وانتهاء عند الأخلاق الفاضلة ، هذا البلد الذي استطاع بشعبه وقيادته ككتلة واحدة تجاوز محنة تسونامي خلال شهر واحد فقط ، هذا البلد الذي يشار اليه بالبنان كلما طاب الحديث عن العلم والتكنولوجيا والمعرفة والتفوق ….

الياباني في هذا البلد الأفلاطوني لم يتخذ من “اللا دين” ذريعة للقتل والنحر والاجرام والسبي ونكاح الجهاد بحجة عدم ايمانه بالنار مثلما يفعل الآخرون في المجتمعات الدينية، ولم نجد الياباني بحجة “اللا دين” أيضا يسرق ويرشي ويمارس كل أنواع الرذيلة والفساد الأخلاقي في مؤسساته الوطنية مثلما يفعل الآخرون في الدول المؤمنة والمتدينة…! بالله عليكم ، هل الله عندهم أم عندنا ..وهل الدين هم أصحابه أم نحن..؟

أذكر أن زميلا لي في العمل قال لي يوما متسائلا: هل تعتقدين أن هؤلاء (وكان يقصد العوام)يخافون من الله ؟ هؤلاء لا يخافون الا من السجون، فلو ألغي مفهوم السجن من قوانين الدولة فسترين ماذا سيفعلون..؟..

أتذكر أيضا كتابا لصاحبه المرحوم نذير مصمودي حمل عنوان :” متى يدخل الاسلاميون في الاسلام..؟ “يتحدث صاحبه عن تجربته في الحركات الاسلامية .

اليوم ، وأكثر من أي وقت مضى نحن في أمس الحاجة لثورة واعية صادقة يقودها فلاسفتنا وعلماؤنا ومفكرونا للخروج من النفق ، والسير نحو طريق الخلاص.

زر الذهاب إلى الأعلى