كوطة المرأة في البرلمان
برلمان “الحفافات” ،هذا هو الوصف الذي يردده بعضالنواب المُمتعضين من مشاركة المرأة “المُعدمة”، التي لم تجد ما تقدمه في عهدة مدتها خمس سنوات ، وهذا هو الوصف الذي تتحدث عنه أيضا وسائل الإعلام من باب الاستخفاف بالنساء اللواتي تم اختيارهن لتمثيل الشعب في أول برلمان بعد تقنين الثلث لصالحهن..
كم هو مُحبط حقا ، الحديث عن أول تجربة للمرأةفي البرلمان بهذا النقد القاسي، وكأن الأمر كان متعمدا من طرف الأحزاب التي لم تحسن الاختيار، ولم توفق نهائيا في التجاوب مع هذا القانونالثوري ، لتزج بمن هب ودب من النساء في مالا علاقة لهن به ، وكلما تردد أمام مسامعيأن الكوطة كانت من نصيب الحفافات والمنظفات” – مع احترامنا الكبير لهذه المهن الشريفة- يطوف في ذهني وظني أن الأمر ربما يكون بفعل فاعل، لأن هناك من النخب السياسية الماكرة من تبحث عن الضحالة ، ولا يهمها في المشهد السياسي سوى التموقع وحماية مصالحها.. !!
الاعلامية الجزائرية القديرة حدة حزامأيضا كانت ناقمة من مستوىتمثيل المرأة في أعلى هيئة استشارية ، كُنت قد زرتها في مقر جريدتها “الفجر”المتواجدة بدار الصحافة الطاهر جاووت، وتحدثت معها في شؤون الاعلام والمرأة ، فكانت في منتهى الصراحة والوضوح ، ولما فاتحتهافيموضوع مشاركة المرأة في الحياة السياسية ،وسألتها لماذا لم تدخل البرلمان وهي امرأة مثقفة ومحللة بارعة ومعروفة في أوساط النخبة بحنكتها، انتفضت وعلقت على سؤالي قائلة: أنا اعلامية ، ولايشرفني أن أكون الى جانب “الحفافات”..!!
قد يتساءل سائل: من أي باب تم تقنين الثلث والسماح للمرأة بدخول المعترك السياسي بهذا الكم وهذه الكيفية؟ ، فهل كانمن باب مبدأ العدالة والمساواة ، الذي يستوجبأن يكون للمرأة نصيبمثل الرجل في الاستشارة السياسية والأخذ برأيها ؟ ، أم من باب ” درأ البلاء” ، خصوصا وأن توقيت التعديلات الدستورية التي شملت كوطة المرأة ، تزامنت مع أحداث – مايسمى بالربيع العربي – حيث أدخلت عدة اصلاحات على المنظومة القانونية والتشريعية ببلادنا..؟ ، أم كان من باب محاكاة الدول المدنية المتقدمة ، التي دفعت بالمرأة للتواجد بالحياة السياسيةمناصفة ومساواة مع الرجل ، بينما لازلنا نحن ننظر اليها على أنها ” حُرمة ” ونحسب لتحركاتها ألف حساب؟؟
مهما كانت الأسباب وتعددت التأويلات، فالنتيجة في النهاية ،هي أن المرأة الجزائرية حصلت على امتياز ثلث مقاعد البرلمان ، وهي النسبة التي لم تتواجد حتى في برلمانات عربية واسلامية أخرى تتغنى بحرية المرأة كتونس ولبنان. ورأيي ، أننلتمس الأعذار لأول برلمانكانت فيه تجربة المرأة كمية وعددية وليست كيفية وفاعلة ، لأننا نؤمن يقينا ، بأن الأحزاب لن تُكرر هذه التجربة الهزيلة ..التجربة التي انطلقت من عدم، حيث لم تُهيأ المرأة أساسا للحدثالكبير، ولهذا توصف مشاركتهابالفترة “التجريبية ” ، وأعتقد أن العهداتالقادمة واللاحقة ستكون تدريجيا بمستوىأفضل يليق بالمرأة الجزائرية السياسية الواعية ، القادرة على إحداث ثورة قوانين داخل البرلمان لصالحها ولصالح المستضعفين أمثالها..
وفي الأخير، اتساءل ببراءة : أليس حريا بنا ونحن نسأل عن مستوى المرأة، أن نسأل أيضا عن مستوى الرجل البرلماني وماذا قدم لشعبه ووطنه ، أم أن الرجال لايسألون في بلادنا؟؟