لسنا ملائـــــــــــــــــكة
تزامن إعلان فوز الرئيس بوتفليقة بعدة رئاسية رابعة مع الهجوم الإرهابي الذي قادته جماعة مسلحة في أعالي جبال جرجرة و أودى بحياة 11 جنديا من صفوف الجيش الشعبي الوطني، يحمل معه دلالات لا تخلو من الرمزية و كشف الحساب.
قلت في مقام سابق أن العهدة الرابعة ستكون حلفا مقدسا بين الفساد و الإرهاب خصوصا و أنها تحمل في طياتها نورا خافتا يمشي بين الناس على استحياء في الوقت الراهن قبل أن يكبر شيئا فشيئا ليعم الأجواء.
النور الباهت اليوم هو العفو العام الذي يريد من خلاله الرئيس غلق الملف ” بالضبة و المفتاح ” لأن عدم فتحه طيلة 15 عاما و الإقتصار على مناوشات قسنطيني و من على شاكلته راجع لقوة الرئيس و عدم سماحه لإثارة الملف مع كاريزماتية لا يناقش فيها إلا مخبول، و لكن بمجرد أن يجلس شخص آخر محله في المرادية فإن المزايدات على الجزائر ستدخل من هذا الباب بالذات خصوصا، إذا كان الرئيس القادم من طينة عبد العزيز بلخادم الذي لا يحسن تسيير الضغوط و المساومات و ضجيج المعارضة التي لا تخلو من الكذب و الرياء و الإدعاء و تصفية الحسابات.
اليوم يبدو الوقت ليس في صالح الرئيس و ليس النظام، لأنه يريد أن تكون خاتمته مسك مهما كانت الظروف و الحجارة الملقاة في الطريق.
غصن الزيتون الذي يريد أن يحمله من كانوا ذات يوم رمزا للفساد و الخوف و نشر الفزع، يبدو غصنا لا اخضرار فيه و كله ثمار فجة لا رائحة لها و لا طعم.
الجزائر ستتجاوز قدراتها المالية في الخمس سنوات القادمة لو بقيت بهذه الوتيرة من الإستيراد الفاحش الذي يقول للعالم أن الشعب الجزائري كسول و لا يحسن صناعة شيء فهو يستورد أكله و ملبسه و سيارته الفارهة ثم ازداد إيغالا في ” التفنطيز ” فراح يستورد اليد العاملة التي تبني له بيته الذي يأويه.
على الإقتصاديين و عبيد الأرقام أن يدركوا جيدا أن لب المشكلة الإقتصادية يكمن في انقلاب القيم و بالتالي فإن سياسة الإستيراد لا ترهق الخزينة فحسب بل تقضي على المنظومة الأخلاقية للمجتمع و تجعل منا كائنات لا تحسن عملا و لا تفقه قولا، و لا تسمع لصوت آخر غير صوت الغرائز و الحاجات الآنية التي تستجدي الإشباع، بشتى الوسائل و الطرق.
في إطار سوق الحجج و نبش الذاكرة يكون التنفيس الإفتراضي وسيلة مثلى لإجهاض أي احتقان جماعي يدفع الناس إلى المبادرة الواقعية.
و من هذا الباب بودنا لو عاد النظام إلى سجلاته و صحائفه ليرى فيها كم كان خاطئا و مخطئا عندما حاول ضرب الشعب بالجيش و كم سيكون مخطئا و ملعونا عندما يعيد الكرة ليضرب الشعب بالشعب من خلال الجهوية المقيتة و العقاب التنموي القاسي.
الإرهاب الذي عاد اليوم، يتغذى على إحباط شعبي عام و أفق مسدود و ربيع جزائري مؤجل و منجزات جديدة لا تصمد في وجه الزمن لأكثر من عام واحد.
على الجميع أن يقتنع بأن الوقت لا يتسع للمزيد من الخسائر، فلسنا ملائكة.