واقع جّاف .. ومؤلم !!

أمام بوابة أحد الأسواق الشعبية كانت هناك سيدة تنبش القمامة بحثا عن لقمة سوداء في واقع بائس، تسد بها رمق أولادها، همها الوحيد إسكات جوعهم ! عندما اقتربنا منها ارتبكت واحمرّ وجهها من الخجل ثم أخبرتنا أنها تبحث عن رؤوس الدجاج الذي يذبحه أصحاب السوق ويرمون بفضلاته في هذه القمامة لتأخذها لكلاب تربيها ! أدركنا حينها أن التبرير مزيف وأن خلف هذه العيون مأساة دفينة ، كرامتها تمنعها من قول الحقيقة رغم وضوحها ، ولكن ترفض أن تواجه بها نفسها. فالكبرياء وحده هو الذي يجعل من أمٍّ ،مثل هذه تقلب بقايا زبالة بما تحمله من فضلات وروائح وأمراض لا لشيء سوى أنها ترفض أن تمد يدها في زمن امتدت فيه جميع الأيادي..!! الكرامة…. هذه الكلمة التي لها مدلولات مقدسة في جميع القواميس العالمية أصبحت اليوم عيبا كبيرا ، إذا ما تحلى بها الواحد منا وجلب محلها النذالة والخسّة فتعفن المجتمع وسادت الكراهية بين أفراده ” إلا ما رحم ربي “… فأصبحنا نشتاق إلى سماع كلمة رجل بمعنى الكلمة أو صورة امرأة بكل صفاء الحياء والوقار، مواعيدنا تضاربت فلا احد يأتي في الميعاد وعودنا زائفة تداخلت الأمور فيما بينها ، فيتحدث الرجل في أمور الرجل وتتدخل المرأة في خصوصيات الرجل ، انقلبت الموازين واختلط الحابل بالنابل ، والغريب في الأمر أن الكل يلاحظ…. والمصيبة انه يشارك في هذا الوضع دون أن يرفع أحد يده لردع هذا المنكر أو ذاك ! المشكلة في مجتمعنا هي مشكلة كرامة وكبرياء وقناعة فقدناها وللأسف فقدناها !!!